إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
316704 مشاهدة print word pdf
line-top
من واجبات الوضوء التسمية

 

قوله: [تجب فيه التسمية] لحديث أبي هريرة مرفوعا / لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه / رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه / .
[وتسقط سهوا ] نص عليه، لحديث / عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان / / .
[وإن ذكرها في أثنائه ابتدأ ] صححه في الإنصاف / . وقيل: يأتي بها حيث ذكرها ويبني على وضوئه، قطع به في الإقناع / وحكاه في حاشية التنقيح عن أكثر الأصحاب / .


الشرح: ذكر المؤلف أن من واجبات الوضوء: التسمية، أي أن يقول المتوضئ قبل أن يشرع في وضوئه (بسم الله) للحديث السابق / لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه / والله تعالى لا ينفي اسما شرعيا إلا بانتفاء شيء من واجباته، فتكون التسمية إذا واجبة.
وقد ذهب بعض العلماء- كابن قدامة -رحمه الله- / - إلى أن التسمية في أول الوضوء سنة لحديث: من توضأ وذكر اسم الله تعالى عليه كان طهورا لجميع بدنه، ومن توضأ ولم يذكر اسم الله عليه كان طهورا لما مر عليه الماء رواه الدارقطني / ولأن كثيرا من الذين وصفوا وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يذكروا فيه التسمية، ومثل هذا لو كان من الأمور الواجبة التي لا يصح الوضوء بدونها لذكرت، ولقول أحمد لا يثبت في هذا الباب شيء.
والصواب أن التسمية واجبة في الوضوء، لحديث / ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه / وهو حديث صحيح، ولأنه -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث أنس - وضع يده في الإناء الذي فيه الماء ثم قال: توضأوا باسم الله.. / .
وأما قول أحمد لم يثبت في هذا الباب شيء، فلعل مراده أن أفراد الأحاديث الواردة في هذه المسألة لم يبلغ شيء منها درجة الصحة، وهو -رحمه الله- لم ينف أنها تتقوى باجتماعها لتصل إلى درجة الحسن أو الصحة.
والتسمية تسقط سهوا أي إذا نسيها الإنسان ولم يتذكرها إلا بعد فراغه من الوضوء، لقوله -صلى الله عليه وسلم- / عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان / وإذا نسي التسمية في أول الوضوء ثم تذكرها في أثنائه أتى بها حال تذكرها.
مثلا: بدأ الإنسان وضوءه ولم يسم الله في أوله، فلما بلغ غسل رجليه تذكر أنه لم يسم، فإنه يقولها عند غسل رجليه.
وأما قول المؤلف: (وإن ذكرها في أثنائه ابتدأ) أي أنه إذا تذكرها في أثناء وضوئه قالها وأعاد الوضوء من جديد، والصواب ما ذكرناه أولا من أنه إذا تذكرها أثناء وضوئه قالها وبنى على وضوئه، أي لم يعده من جديد.
ومحل التسمية عند غسل اليدين بعد الاستنجاء- إذا وجد- وقبل بدء الوضوء، أو أنها قبل المضمضة، وإذا كان الإنسان يتوضأ داخل الحمام (أي الخلاء) اكتفى بالتسمية عند دخوله.
وقال بعض العلماء بل يسمي بقلبه وإن لم يحرك شفتيه.
وقال آخرون: بل يسمي بلسانه وإن كان داخل الحمام؛ لأنه مأمور بالتسمية عند الوضوء أينما وجد. والمستحب للإنسان أن يستنجي داخل الحمام ثم يتوضأ خارجه لكي لا يذكر اسم الله في مواضع القذر والنجاسات.
والتسمية متأكدة في كل الأعمال الشريفة، فهي متأكدة عند الأكل، وعند الشرب، وعند اللباس، وعند النوم، وعند دخول المنزل، وعند دخول المسجد، وعند الجماع، وعند قراءة القرآن... إلخ.
ومعناها: بسم الله أبتدئ في وضوئي أو غسلي أو قراءتي.. إلخ، أو معناها: بسم الله أستعين على إكماله، أو ما أشبه ذلك.
وهي واجبة عند الغسل كما أنها واجبة عند الوضوء- وسيأتي ذلك في باب الغسل إن شاء الله-.

line-bottom